responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الطحاوية المؤلف : عبد الرحمن بن ناصر البراك    الجزء : 1  صفحة : 125
وجهلة الصوفية وغلاتهم يرون أن من التسليم للقدر الاستسلام لكل ما يجري على الإنسان، بحيث لا يطلب خلاف ما يجري عليه، ولا يدفع شيئا من المكروه، حتى يقول قائلهم: إن العارف لا حظ له! أو إنه يصير كالميت بين يدي الغاسل!
قال الإمام ابن تيمية: «فهذا إنما يمدح منه سقوط إرادته التي لم يؤمر بها، وعدم حظه الذي لم يؤمر بطلبه، وأنه كالميت في طلب ما لم يؤمر بطلبه، وترك دفع ما لم يؤمر بدفعه». [1] وهذا كلام باطل، ولا يمكن تحقيقه في الواقع أبدا.

[وجوب التسليم لحكم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتقديمه على الآراء]
وقوله: (ما سلِم في دينه إلا من سلَّم لله عز وجل ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -) كأنه يظهر من سياق الكلام أنه يريد التسليم لشرع الله في المسائل العلمية الاعتقادية، وفي المسائل العملية؛ فإن الدين يتضمن قسمين:
اعتقادات، وأعمال، قال تعالى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)) [التوبة: 33] الهدى هو: العلم النافع، ودين الحق: العمل الصالح، ((أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمَاً)) [الأنعام: 114]، ((إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)) [الأنعام: 57]، قال تعالى: ((وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدَاً)) [الكهف: 26]، قال تعالى في تحكيم الرسول: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً)) [النساء: 65] لا بد من التسليم لحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقبوله بانشراح صدر، وطيب نفس، لا يتحقق الإيمان كاملا إلا بهذه الشروط: ((حَتَّى يُحَكِّمُوكَ)) وذلك بالإيمان به، وأن ما جاء به حق من عند الله، وأن ما حكم به في كل مسائل الدين هو الحق والعدل والصواب، فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما يحكم بشرع الله وحكمه، ((مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)) [النساء: 80]، ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)) [الحشر: 7]، ((ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً)) [النساء: 65].

[1] التدمرية ص 518.
اسم الکتاب : شرح العقيدة الطحاوية المؤلف : عبد الرحمن بن ناصر البراك    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست